كلنا فؤاد

هنا سأنقل بعض التدوينات التي يطلب بسببها من فؤاد الإعتذار.

 

مظلومون سعوديون (١): الدكتور سعود الهاشمي، سليل الكرامة…

يوليو 23, 2007 saudmokhtar.jpg
قال لي يوماً “أبو رائد” عبد الرحمن بن صديق (أحد الذين اعتقلوا مع التسعة البقية من الإصلاحيين في جدة) بعدما استمع لي طويلاً في أحد الجلسات: “يجب أن تقابل سعود المختار. هل تعرفه؟”. أجبته بالنفي. لم أكن أعرف “أبا محمد” ولم ألتقي به من قبل. كان ذلك لسوء حظي. حفظت ذلك الإسم في ذاكرتي بحرص لأنني أعرف تقييم أبا رائد للرجال. مهنة أبو محمد هي الطب. يعمل على شفاء الأبدان من الأسقام بإذن الله، ولكنه كان يعمل أيضاً على شفاء العقول من العطل والقلوب من الوهن. لم يكن ذلك بغريب على الدكتور سعود فهو سليل آل البيت ومن أحفاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لازلت أتذكر أول مرة قابلت فيها الدكتور سعود. اتصل بي سائلاً عن عنوان مكتبي رغبة في المرور علي بعدما أوصاه أبو رائد بالجلوس معي. وصفت له العنوان ووصل إلى المكتب خلال مدة قصيرة. سألني عن نفسي وحالتي الإجتماعية والعملية. وبعد حوار تعارفي قصير، دار بيننا نقاش حول أحد المحاضرات التي ألقيتها بعنوان “البناء المعرفي وإدارة المعرفة”. وكان يسألني بلطف وتلقائية حول هذا الموضوع. قال لي بأنه أتى ليستمع ويتعلم. كانت عادته التواضع. وكان من عاداته تقدير الناس وتشجيعهم والثناء عليهم وإعطاءهم الثقة في أنفسهم. وما زادي ولا شخصي بذلك الشأن حتى يتعلم مني هذا الهاشمي الشيء الكثير. ولكنها عادة الكرماء من الناس من أمثال الدكتور سعود. حدثني بعد ذلك عن نيته إقامة “ديوانية” خاصة في منزله. هدفه من وراء ذلك، إتاحة الفرصة للشباب والنشء للقاء بعض الشخصيات المعروفة في المجتمع العربي وإثارة النقاش والحوار معهم لإحياء العقول والفكر. كانت فكرة رائدة ومشجعة من وجهة نظري. وحينما طلب مني المساهمة في ديوانيته بالحضور والمشاركة والترويج، لم أتأنى عن الموافقة.

في ديوانية المختار كانت لنا أيام…
انطلقت ديوانية المختار والتي كانت تجمعاً أسبوعياً مساء كل ثلاثاء في منزل عائلة الهاشمي الكرماء. وفي أول حضور، استأذنت الدكتور سعود للسماح لي بالتحدث للحضور عن قضية أخ سعودي فاضل مظلوم في سجون أمريكا وهو الأخ “سامي الحصين“. سجن الأخ سامي بتهم دعم الإرهاب لمدة ثمانية عشر شهراً في سجن إنفرادي. ولأنني أعرف الأخ سامي وأعرف براءته التامة من هذه التهم الشنيعة فقد أقمت موقعاً على الإنترنت بالتعاون مع الدكتور محمد الأحمري دعماً لقضية الأخ سامي الحصين وتعريفاً بقضيته. وكان أحد أعمالنا التحدث عن قضية الأخ سامي في التجمعات العامة متى ما سمح لنا المكان والزمان. بعدما انتهيت من عرض قضية الأخ سامي، فإذا بي أرى الدكتور سعود في تأثر شديد. قال لي: “بإذن الله سيعود سامي، و والله ثم والله لنحتفل هنا سوياً بخروجه في منزلي هذا إن شاء الله”. منذ ذلك اليوم، لم يكاد يمر أسبوع دون أن يتصل بي أبا محمد سائلاً عن سير قضية الأخ سامي. حتى من الله على الأخ سامي بالبراءة في محاكمة علنية وأمام هيئة محلفين أمريكيين. كانت عودة سامي مفرحة لنا جميعاً بشدة. وكان التعاطف الشعبي السعودي الذي حصل عليه الأخ سامي مؤثر وغير مسبوق. خرج سامي من السجن ودخله الدكتور سعود ولا حول ولا قوة إلا بالله. كان دعمنا لقضية سامي لا تحمل تبعات خطرة علينا شخصياً لأن قضيته لم تكن ذات علاقة مباشرة بالحكومة السعودية. كانت حرية تحركنا لأجل قضيته مفتوحة نوعاً ما. أما تحركنا الآن لأجل قضية الدكتور سعود فتحمل مخاطر شخصية كبيرة وذلك لعلاقته المباشرة بالحكومة السعودية.
كان يتحفنا الدكتور سعود كل أسبوع بإحضار شخصية معروفة لإلقاء محاضرة وفتح النقاش معها. كان الدكتور سعود “ديموقراطياً” بحق. كانت قائمة الضيوف تشتمل على شخصيات معروفة من كل خلفية ثقافية وسياسية. لم يحصر الدكتور سعود قائمة الحضور على شخصيات من تيار معين. كان يؤمن بالتعددية والتعايش. فقد حضر الشيخ السلفي الدكتور سفر الحوالي و الشيعي أحمد الكاتب والليبرالي محمد سعيد طيب والأخوان من حماس وغيرهم. كان الدكتور سعود يؤمن فعلاً قولاً وعملاً بالحوار. كان يسمح للضيف بإلقاء محاضرته، ثم يسمح للحضور بطرح أسئلتهم ومداخلاتهم الساخنة على المحاضر. فكم من شاب من الحضور هاجم الضيف بشدة وأحرجه. وكم من ضيف كان في وضع محرج. وكم من ليلة كانت ليلة بحق. كان الضيوف يعملون في مجالات مختلفة فمنهم الوزراء مثل الشيخ الدكتور صالح الحصين والدكتور عبدالله التركي ومنهم الباحثين والسياسيين والإغاثيين والتربويين والمدربين والدعاة وغيرهم. كان أغلب الحضور هو من الشباب. وكان اهتمام الدكتور سعود بهم شديداً. فكانت الأولوية في طرح الأسئلة هي للشباب. ثم لكبار السن. وكان الدكتور سعود كثيراً ما يوجه كلامه للشباب بالحث على التفكير والقراءة والحوار. وموقف الدكتور سعود من المرأة كان تقدمياً بكل حق بالنسبة لبقية التيار الإسلامي في السعودي. فكان للمرأة مكان للحضور ووقت لطرح الأسئلة والنقاش. بل وكان بعض المحاضرين هم من النساء مثل الدكتورة نورة السعد وغيرها. فكان الرجال يجلسون للإستماع للمرأة تحاضر عليهم. وهذا أعتقد أنه وضع غير مسبوق للتيار الإسلامي السعودي.
كانت ديوانية المختار هي حدث ننتظره كل ثلاثاء لنتعلم شيئاً جديداً. في بداية اللقاء من كل أسبوع، جرت العادة أن يقوم الدكتور سعود بالتحدث سريعاً عن أهم أحداث الأسبوع الماضي ثم يطلب من أحد الحاضرين حتى ولو كانوا شباباً صغيري السن بتحليل خبر أو حدث معين. كان أقل عدد حضور هو خمسين. وكان لصغر المكان أثر في ذلك. وكلما كان ضيف الديوانية مشهوراً أكثر، كلما كان عدد الحضور أكبر. كثير من المرات كان الحضور يفترشون الأرض جلوساً من نهاية المجلس وحتى بالقرب من أقدام المحاضر. كانت الكراسي لا تكفي. كان الدكتور سعود يتحمل كافة مصاريف الديوانية بالكامل لوحده (تذاكر سفر وسكن وتنقل الضيف كل أسبوع، العشاء عند الإمكان، باقي المصاريف). كانت مكتبه الشخصية الضخمة مفتوحة للإستعارة للجميع. كان الدكتور سعود كريماً بحق.
بالنسبة لي ولكثير من الشباب الذين كانوا يواكبون على الحضور، أقول بأن ما استفدناه وتعلمناه في تلك الديوانية يفوق ما تعلمناه في أي مدرسة أو كلية أو جامعة من قبل.
لقد تعلمنا في ديوانية المختار الإنصات، حرية التعبير، الشجاعة، تقدير الناس بغض النظر عن إختلافنا معهم، التفاعل، حمل هموم المجتمع، التفكير الإيجابي، التحليل والإستقراء، الثقة في النفس، حرية التفكير، إحسان النوايا، قبول الإختلاف والتعددية، الحرص على القراءة والمتابعة،…). كانت ديوانية المختار بمثابة مدرسة فكرية رائعة نرتشف من رحيقها في كل أسبوع مرة. كيف يمكن لنا أن ننسى فضل الدكتور سعود علينا؟ كيف يمكن لمن عرف الدكتور سعود أن ينساه في غياهب السجن؟

مواقف الدكتور سعود
كان الدكتور سعود يتميز بالشجاعة. وكان يؤمن تماماً بالعلنية في العمل. ووهب الله الدكتور سعود البلاغة في الطرح. لم يكن غريباً تلك الشعبية وذلك الحب الذي كان الدكتور سعود يحضى بهما. كان يرى أبا محمد أن الوضوح هو أفضل الخيارات. وكان يمقت الجبن بشدة. لذلك، كانت مواقفه شجاعة وفي العلن وفي وضح النهار.

موقفه من الوضع في فلسطين
كان الدكتور سعود يجمع التبرعات بشكل علني للشعب الفلسطيني. وزاد جمعه للتبرعات بالذات بعد فرض الحصار الجائر على شعب فلسطين. كان يضع في وسط ديوانيته صندوقاً للتبرعات مكتوباً عليه “تبرعوا لفلسطين”. وكان حضور الديوانية يتبرعون كل مرة بما تجود عليهم أنفسهم. كان موقفه السياسي كذلك مؤيد لتوحيد القوى ضد الإحتلال الإسرائيلي وضد الخلافات والحروب الداخلية. وقد استضاف عدد من قيادات فلسطين في منزلة كضيوف متحدثين. كان موقف الدكتور سعود هو نفس موقف المواطن السعودي من قضية فلسطين.

موقفه من الوضع في العراق
كان موقفه كذلك موافقاً للموقف الشعبي السعودي من الإحتلال الأمريكي في العراق. كان يعلن دائماً رفضه للإحتلال الأمريكي ودعمه لحق الشعوب في الدفاع عن نفسها. هذه الحقوق التي تؤمن فيها البشرية بغض النظر عن جنسياتهم وأديانهم. كانت ديوانيته كذلك تستضيف سياسيين عراقيين يتحدثون عن الوضع في العراق.

موقفه من الإرهاب الداخلي والإقليمي
كان الدكتور سعود يجاهر برأيه بوضوح برفض الإرهاب بشتى أنواعه. كان يقول أن العنف هو خط أحمر. وكان يوجه كلامه للشباب محللاً عدم شرعية الأعمال المسلحة في الداخل والخارج. وكان فعلاً أحد الساعين بشدة لإخماد نار الإرهاب الداخلي وذلك عن طريق الجلوس مع الشباب والتأثير عليهم. ولذلك فإن فضل الدكتور سعود على هذا الوطن هو فضل كبير جداً.

موقفه من الليبراليين والتيارات الأخرى
كان يستضيف الدكتور سعود في ديوانيته كما ذكرنا سابقاً متحدثين من تيارات مختلفة. كان يؤمن بحق الإختلاف والتعايش. وكان يسعى لمد الجسور وليس هدمها من أجل صالح الوطن.

الدكتور سعود والعمل الإغاثي
جهود الدكتور سعود في العمل الإغاثي حول العالم أكبر من أن تحصر. كان في كل رحلة يحاول أن يأخذ معه شخصيات معروفة ومؤثرة حتى تتفاعل مع الواقع المر وتعود مؤثرة في محيطها. وقد وثق العديد من الأفلام والصور حول العمل الإغاثي.

علاقة الدكتور سعود بالحكومة السعودية
كان للدكتور سعود اتصال مع بعض الشخصيات المعروفة في الحكومة. فقد كان يراسلهم كلما أتيحت له الفرصة ودعت الحاجة. وقد أعد دراسة كما أعلمني بعد الغزو الأمريكي للعراق عن ضرورة قيام الدولة بعمل “خطة إنقاذ طوارئ شعبية”. وذلك فعلاً ذكاء كبير للدكتور لم تنظر له الحكومة بعين الإعتبار من قبل. فلو حصل مكروه لا سمح الله في وطننا السعودية فلا يعرف أحد ما عليه أن يعمل. لا المواطن يعرف كيف يتصرف ولا المدرس ولا الطبيب ولا المسجد ولا غيرهم. في كل مكان في العالم هناك برامج شعبية لخطط الطوارئ. وهناك ملاجئ وفرق عمل تتكون في ساعة الحرج لإدارة أوضاع المواطنين في الواقع. أما هنا فلا نعرف ملجأ طوارئ ولا كيف نتصرف لو حصل مكروه. قام الدكتور سعود بعمل دراسة كاملة ورفعها لوزارة الداخلية والتي استقبلتها بترحاب كما علمت منه وإعادة توجيه للمسؤولين بإبداء آرائهم.
كان للدكتور سعود حضور في مؤتمر الفكر العربي والذي يشرف عليه الأمير خالد الفيصل. وكان حريصاً على المشاركة لإيمانه بالتعددية. وكان له لقاءات شخصية مع الأمير خالد الفيصل ألقى فيها كلمات شجاعة.كما شارك الدكتور سعود في حلقات الحوار الوطني. وأثرى تلك الحلقات بمداخلاته الثرية. هذا غير اتصالاته الشخصية مع العديد من الشخصيات الحكومية.

الدكتور سعود والإعلام
لا نحتاج للتأكيد هنا أن حضور الدكتور سعود الإعلامي وبالذات في قناة الجزيرة كان هو سبب شهرته الكبيرة. شارك الدكتور في عدد من حلقات الإتجاه المعاكس ونجح في خطف عقول وقلوب المشاهدين. كما شارك في التلفزيون السعودي وقناة المستقلة والكثير من القنوات الإعلامية الأخرى. وفي الصحافة، كان للدكتور سعود مقال أسبوعي في جريدة المدينة. كان الدكتور من المؤمنين بضرورة إختراق حواجز الإعلام وكسب عقول وقلوب المتابعين لصالح قضايا العدل والحقوق.

من مواقف الدكتور سعود
كان أحد المواظبين على حضور الديوانية والفاعلين يقوم برصد كلام الدكتور سعود وآرائه ليقوم بنقلها لأحد “المشايخ”. ثم يقوم هو وشيخه بالهجوم العنيف على الدكتور سعود في الإنترنت في عدد من المواقع ومنها الساحات تحت معرف وهمي. كانا يستمتعان بالطعن في الدكتور ومحاولة تقزيمه. عرف الدكتور حقيقة هذا العضو “الخائن”. فما فعل به؟ عاتبه وعانقه وطلب منه مناقشته علناً عندما يسمع شيئاً من الدكتور لا يتفق معه. غفر له الدكتور عمله. وبقي ذلك العضو يواضب على الحضور.

اعتقال الدكتور سعود
انقطعت عن الدكتور سعود ما يقارب السنة. وخلالها انقطعت بالكامل عن جميع الفعاليات والتجمعات العامة. تفرغت فيها للقراءة. كانت الديوانية تواصل عملها، وكان الحضور يزداد أكثر وأكثر كما كانت تصلني الأخبار بين حين وآخر. كان اتصالي بالدكتور سعود نادراً. فوجئت بخبر القبض على عشرة شخصيات في استراحة بمدينة جدة بتهمة دعم الإرهاب. كان أحدهم هو الدكتور سعود. دارت الدنيا بي ولم أصدق. قمت بالإتصالات وتابعت الإعلام فكانت الفاجعة. كانت الشخصيات العشرة مجتمعة من أجل صياغة بيان إصلاحي يوجه للملك يطالبون فيه ببعض الحقوق للشعب السعودي. كان عملاً سلمياً تاماً. وكان عملاً شجاعاً تمليه عليهم ضمائرهم القيام به. كانوا يعملون من أجل الشعب وفي وضح النهار. إذاً هو سيف الإرهاب يسلط مرةً أخرى على رقاب الأحرار من الشعب لتكبيلهم وتكميم أفواههم.

الدكتور سعود الذي كان يعمل علناً ولم يكن لديه ما يخفيه يتهم بالإرهاب؟ عشرة من نخبة المجتمع، فيهم المحامي والأكاديمي والطبيب والداعية والتاجر والشريف تلصق بهم تهمة كهذه ويطبل لها الإعلام السعودي بكل نفاق!

كانت صدمتي شديدة في هذا الإجراء الحكومي البالغ القسوة. وكانت صدمتي أكبر في التيار الإسلامي الذي ينتمي إليه الدكتور سعود. لم يقف معه أحد. هناك بعض الشخصيات وقعت على بيان أرسل بالسر لوزير الداخلية يدافعون عن العشرة ويرجون الحكومة الإفراج عنهم. كان هناك زيارات شخصية من بعض المعروفين للحكومة للتوسط في قضيتهم. ما عدا ذلك، فلم يتم عمل أي شيء. لقد اتفق الإسلاميين على خذل ابنهم سعود. الكل يريد الحفاظ على “مكاسبه”. والكل اختار النوم بجانب زوجته على أن يقول كلمة حق في العلن بحق الدكتور سعود. أما التيار الليبرالي فقد كان موقفه مخزياً كذلك بل وحاول مواصلة تصفية الحساب مع الإسلاميين من خلال هذه القضية أيضاً.

المجتمع خذل الدكتور سعود كما خذل قبله الكثير. لومي وعتبي وغضبي على من عرف الدكتور سعود عن قرب ولم يكتب علناً من أجل نصرته. الدكتور سعود كان وطنياً صادقاً يؤمن بالحوار ويرفض العنف بدون أي نقاش. جميع من يعرف سعود، يعرف ذلك عنه.

لكل شيخ وعالم عرف الدكتور سعود ولم ينصره بالكلمة دفاعاً عن تهمة دعم الإرهاب المروعة، ولكل من كان يحضر ديوانية المختار، أقول لهم “كيف سيكون لكم وجه غداً تقابلوه عندما يتم الإفراج عنه بمشيئة الله؟ ماذا ستقولون له؟”. “كيف تنامون في الليل وأنتم قد أكلتم في بيته، ونهلتم من فكر ديوانيته؟”.

كان هم الدكتور سعود هو الأرامل والأطفال والمظلومين في كل مكان. كان الدكتور واضحاً في عمله وضوح الشمس. كان هم الدكتور هو هذا الوطن وعزته.

أما أنا، فأرى نفسي مقصر كل التقصير في حق هذا الرجل النبيل النادر الوجود. هناك الكثير مما أجهله ويكتب عن سعود ولم أكتبه. عرفته عن قرب وخذلته أكثر من خمسة شهور وهي فترة سجه حتى الآن. ذلك عار علي. لن أغفر لنفسي مدى الحياة تقاعسي عن تبرئة ونصرة الدكتور سعود الهاشمي وغيره من المظلومين.

فرج الله همك ياسليل الكرامة، فرج الله همك أبا محمد، وأعادك لعائلتك ومحبيك في القريب العاجل.

للتواصل مع “أم محمد” زوجة الدكتور ومواساتها ورفع همتها، يمكنكم الإتصال على هاتفها: 0505357420

—————-
السيرة الذاتية
—————-

النسب
سعود بن حسن بن محمد بن عباس بن مختار بن عبدالرضا بن فخر الدين بن نور الدين بن علي الملقَّب بتاج الدين بن يحي بن زين العابدين بن حسين بن نورالدين بن إسماعيل بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبدالله بن منصور بن أحمد بن حرب بن محمد الصائغ بن أحمد بن أبي الحسين بن أبي القاسم بن سعدالله بن حمزة الكبير بن محمد أبو السعادات بن عبدالله بن محمد بن أبي الحسن علي بن عبدالله بن أبي الحسين محمد المحدث بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى بن إبراهيم المجاب بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب .

المؤهل العلمي
حاصل على درجة الدكتوراه فى تخصص طب الأسرة والمجتمع عام 1414هـ .

الخبرات العملية
1- عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة .
2- استشاري طب الأسرة بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة .
3- استشاري طب الأسرة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة .
4- مدير التدريب بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة .
5- رئيس لجنة برامج تأهيل الشباب السعودي بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة .
6- رئيس لجنة خدمة العملاء بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة .
7- عضو الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع .
8- عضو الجمعية العالمية لأطباء الأسرة .
9- عضو جمعية أساتذة طب الأسرة الأمريكية .
10- عضو الجمعية العربية للموارد البشرية والإدارية .
11- عضو المجلس السعـــودي للجودة .
12- أشرف على عدة رسائل دكتوراه في مجال تخصصه .
13- ألقى عدداً من الدورات التدريبية في المجالات الطبية ومجالات التطوير الأخرى ( في الاتصال ، واستخدام الحزم الإحصائية ، وإعداد وتصميم المواد والحقائب التدريبية ، وفى مجال تخصصه الدقيق في الطب الصناعي النفسي .
14- ألقى عدداً من الأبحاث العلمية المحكمة في مؤتمرات محلية وأخرى خارجية .
15- عمل محرراً للنشرة التابعة لمجلة الممارس البريطانية .
16- عمل مستشاراً لمعالي وزير الصحة أثناء فترة حج عام 1418هـ .
17- شارك وحضر دورات في دول مختلفة منها الولايات المتحدة .
18- عمل مدير عام النخبة للتدريب والتنمية منذ عام 1418هـ .
19- عمل مستشار سابق في العيادات العامة ER بالمستشفى العسكري بتبوك .
20- عمل مستشار سابق بمستشفى الحرس الوطني بجدة .
21- عمل مستشار سابق بشعبة طب الأسرة في الرعاية الأولية بالمستشفى العسكري بتبوك .

—————-
رسالة السيدة الفاضلة خيرية سقا والدة الدكتور سعود لإبنها
—————-

ولدي الحبيب الغالي .. سعود :
ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه .
صبر جميل والله المستعان على مايصفون
أسال الله أن يرضى عنك ويثبتك ، ويرفعك في الفردوس الأعلى ..
والدتك خيرية سقا

—————-
رسالة أم محمد زوجة الدكتور سعود
—————-

يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الأخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء ..
ماكان أحد احب اليه الحرية والانطلاق والفضاء الرحب منك يا أبا محمد وبالرغم من ذلك اخترت الطريق الصعب والشائك .. طريق مؤلم ابتعد الكثير عنه اليوم طلباً للسلامة ويأس منه البعض ولكنك سلكته معذرة الى ربهم .
ولعل سلاح الكلمة الصادقة الذى حملته أنت ورفقاؤك يكون كقطرات الماء المتتابعة التي ستنحت بلا شك مجرى رحباً خلال الصخر الجامد .
أسال الله أن يثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة وأن يجعل جنتك في قلبك وبستانك في صدرك .
فماهم فاعلون بك بعد ذلك ؟؟
أم محمد

—————-
رسالة عائشة سعود الهاشمي لوالدها
—————-

أبي الحبيب :
علمتني دائماً أن لا أرضى بالهوان , وأن أكون حرة ايجابية وعلمتني أن أحب كما تحب هذا البيت :
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
وأنت يأبي أبيت أن تعيش بين حفر التخاذل والنفاق فكان جزأك السجن .
يحزنني يا أبي يا من تستحق الأوسمة والتكريم أن تسجن ونحرم منك (فقط) لأنك قلت كلمة الحق ودافعت عن المظلومين ..
أسال الله أن يجمعنا بك على خير وأن يحفظك ويرعاك !!
ابنتك عائشة

—————-
رسالة الدكتورة عفاف الهاشمي لأخيها الدكتور سعود
—————-

إلى أخي الغالي :
إليك يا من نهض إلى قمم الجبال .. إليك أيها الفذ في الخيرات ..
إليك يا من هز المنابر بالمواعظ والطيبات .. إليك يا من لم تخش في الله لومة لائم ..
إليك يا من صدعت بالحق أينما كنت وحيث ماحللت .. إليك أيها الإنسان النبيل الطاهر ..
إليك يا من جعل همه كسب العلم النافع حتى يستفيد منه الآخرون .. إليك يا من تعلمنا منك أعمالا جليلة ..
إليك يا من نتمنى أن نكون مثلك في تضحيتك وإخلاصك وتفانيك في خدمة الإسلام والمسلمين
نسال الله عز وجل باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى أن يشرح صدرك وييسر أمرك ويجعل لك من كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافيه .
أيها البطل نحن على يقين بأنك الآن في خلوة مع ربك تتجلى لك أشياء يتمنى غيرك أن يحصل عليها وأنى له ذلك فتلك التجليات لا تليق إلا بأمثالك !!!
أختك المحبه د/ عفاف مختار

—————-
رسالة إيمان الهاشمي لأخيها الدكتور سعود
—————-

أخي الحبيب الغالي الحنون .. سعود البطل :
الله يحفظك ويحرسك بعينه التي لاتنام ويسخر لك ملائكة السماء وجنود الأرض ويثبتك وينصرك ياأخي الغالي .
أختك إيمان

—————-
وصلات ذات علاقة
—————-
الموقع الرسمي للدكتور سعود الهاشمي
رسائل عائلة الدكتور سعود
مجلة العصر: اعتقال الدكتور سعود الهاشمي
اللجنة العربية لحقوق الإنسان حول اعتقال الدكتور سعود
منظمة مراقبة حقوق الإنسان العالمية حول اعتقال الدكتور سعود
قوقل حول اعتقال الدكتور سعود

مظلومون سعوديون (2): عبد الرحمن بن صديق، إستشاري العمل الخيري والدعوي..

يوليو 25, 2007

“عبدالرحمن بن صديق” هو بكل جزم أحد أذكى وألمع الناس الذين تشرفت بالتعرف عليهم في حياتي بلا نقاش. يصعب علي بشدة الكتابة عن أبو رائد. ماذا تكتب عن إنسان تعتبره بمثابة الوالد، وله خمسة شهور ونصف خلف القضبان بسبب تهم ظالمة؟ هل من الممكن أن تكون حيادياً وتنقل الحقيقة بدون مبالغة؟ سأحاول أن أفعل ذلك.

تعريف مبسط:
– يبلغ أبو رائد من العمر 67 سنة.
– متزوج وله ثلاثة أربعة بنات وأربعة أولاد (رائد، أنس، سهل، سفر).
– قصير، وله نظارة مميزة ذات إطار أسود بعدسات مضاعفة تذكرك بتلك النظارات التي كانت تلبس في الستينات والسبعينات.
– يعاني من أوجاع دائمة في الظهر والركبة.
– لا تراه إلا مبتسماً بوقار.

عمله:
عمل أبو رائد في عدة جهات حكومة (التأمينات الإجتماعية، الخطوط السعودية،…) في مناصب رفيعة.
تفرغ أبو رائد في السنوات الأخيرة للعمل كمستشار للجمعيات والأعمال الخيرية والدعوية في أنحاء المملكة العربية السعودية. يعتبر أبو رائد أحد الإستشاريين الأبرز والأكثر طلباً في مجال التخطيط الإداري والتخطيط الإستراتيجي في المنطقة الغربية. من الصعب حصر الجهات الخيرية التي استفادت من خبراته وعمل معها فترات طويلة لضبط عملها الإداري ووضع خططها الإستراتيجية. أذكر منها على سبيل المثال:

– عدد من مشاريع مساعدة الشباب على الزواج
عدد من جمعيات تحفيظ القرآن
عدد من المكاتب التعاونية الخيرية
المستودعات الخيرية في مكة وجدة
الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام
رابطة العالم الإسلامي
الندوة العالمية للشباب الإسلامي
– وغيرها الكثير…

أما الخدمات والإستشارات المباشرة التي كان يقدمها أبو رائد للعلماء والدعاة، ففعلاً هي أكبر من حصرها. فعلاقاته داخل المجال الدعوي مع العلماء والدعاة كانت علاقات قوية وفعالة ومؤثرة. كان أبو رائد يقدم خدماته واستشاراته من خلال مركز النخبة للتدريب والتنمية التي هو أحد ملاكها. وفي الحالات المباشرة مع العلماء والدعاة كان يقدم خدماته لهم مجاناً وبشكل مباشر. فكان يساعدهم على تأسيس مكاتبهم ووضع خططهم الدعوية وجذب الكفاءات المناسبة للعمل معهم. وكان يقدم لهم المشورة كذلك في جوانب عدة من أعمالهم.

اهتماماته:
كان هم أبو رائد وشغله الشاغل هو الرفع من مستوى العمل الإداري للجمعيات والجهات الخيرية. كان دائماً يكرر بأن الدعوة لا يمكن أن تنجح بدون أن تعمل بشكل إداري موثق ومنظم. من هذا المنطلق، أسس أبو رائد مع مجموعة أخرى من الأخيار مركز النخبة للتدريب والتنمية. كان لا يمل من إقامة الدورات الإدارية وتسويقها على الجمعيات والجهات الخيرية بأسعار مناسبة لجذبهم. هدفه كان رفع مستوى عمل الأداء البشري الإداري. كان مؤمناً باللامركزية في العمل. كان يجاهد كثيراً لإقناع صناع القرار في هذه الجهات بوضع التخطيط المناسب لأعمالهم، إستقطاب الكفاءات، توزيع المهام على الموظفين، مراقبة عملهم مع وضع الثقة الكاملة فيهم. كان يؤمن كذلك بحساب المقصر بشكل ظاهر للجميع بحكمة.
أبو رائد هو أحد القلائل الذين قابلتهم في حياتي وأعتبرهم “موسوعة”. خلفيته المعرفية تغطي جوانب عدة وبشكل دقيق ومذهل. خلفيته الشرعية قوية وزادت بقرب احتكاكه والتصاقه بالشيخ الدكتور سفر الحوالي. وخلفيته وآراءه في العمل الإداري والتخطيط الاستراتيجي يضاهيه فيها القليل. أما لو تحدث في السياسة وأحوال العالم والتاريخ ودروسه فلا تتمنى أن يسكت.

احتكاك أبو رائد بالحكومة:
يعتبر عبد الرحمن بن صديق أحد أقرب الشخصيات إلتصاقاً بالعالم المعروف الشيخ الدكتور سفر الحوالي. وبحكم إلتصاقه بالشيخ في التسعينات بالذات وبحكم خلفيته الإدارية والاستراتيجية المتميزة فقد ولدت فكرة إقامة مركز دعوة الغرب للإسلام الذي تبناها الشيخ سفر. كان المركز هو عمل سلمي دعوي موجه لغير المسلمين. كان من المفروض أن يكون مشروع ترجمة كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح” للغة الإنجليزية هو باكورة مشاريع المركز. أقيم المركز في مدينة جده وافتتحه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى. وكانت الآمال كبيرة والتوقعات أكبر. ولكن تبخرت كل الآمال والتوقعات حينما أرسلت الحكومة السعودية قوة أمنية خاصة لإغلاق المركز بالقوة. تم تدمير محتويات المركز في ذلك اليوم أمام الحاضرين. كان أبو رائد هو مدير المركز. اعتقلت الحكومة أبو رائد مع الشيخ سفر الحوالي وباقي الدعاة الذين تم سجنهم لعدد من السنوات لاحقاً.
قضى أبو رائد في السجن ما يقارب أربعة سنوات بدون تهمة وبدون محاكمة. كان سجنه في مقر سجن “الرويس” الشهير في مدينة جدة. ذكر لي أبو رائد يوماً من الأيام بفخر موقف زوجته “أم رائد”. لم يكن يسمح لأحد بزيارته في سجنه. وذلك كان حال معظم المساجين المظلومين. كان مسؤول المباحث في وقتها شخص يسمى “زقزرق”. سعت أم رائد بكل طريقة للحصول على حق الزيارة. لم تجلس في البيت لتنزوي وتبكي. ولكنها كانت سيدة حرة أبية شجاعة. طرقت كل أبواب المسؤولين. وذهبت لكل من له علاقة. طالبت بحقها في رؤية وزيارة زوجها. لم تتلكأ ولم تضعف. كانت صوتاً مزعجاً للحراس. وفي النهاية خضع “زقزوق” لمطالبها وحصلت على حق الزيارة. عندما كان يحكي لي أبو رائد ما فعلته زوجته، كان يحكيه بامتنان وفخر. أبو رائد كان عظيماً وسيبقى عظيماً وكذلك زوجته أم رائد.
أن تسجن ساعةً وأنت مظلوم لهو قهر. فما بالك بمن يمضي أربعة من السنين ظلماً خلف القضبان. خرج أبو رائد من السجن أقوى من قبل. لم يحاول الإنزواء ولم يحاول الإبتعاد عن العمل الدعوي بسبب ما حصل له. بل ازداد إصراراً على العمل والتضحية. يالها من عزيمة ويالها من نفس حرة أبية.
لعبد الرحمن بن صديق موقف آخر مع الحكومة كذلك. في نهاية التسعينات، فتح خط إتصال بين وزارة الداخلية السعودية و بعض قادة التيار الإسلامي في السعودية للتباحث حول العلاقة بين الطرفين. كان الكلام عن التعذيب في سجون المباحث وبالذات في سجن “الرويس” في جدة منتشر بين المواطنين. كانت كلمة “الرويس” تثير الرعب عندما يسمعها الناس. هناك وزير داخلية مصري سابق اشتهر بالتعذيب والعنف اللاانساني في مصر اسمه “زكي بدر“. هذا الوزير تم طرده من الحكومة المصرية بسبب التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي كان تحصل تحت إدارته في السجون المصرية. للأسف الشديد حضر هذا الوزير عندنا في السعودية ليعمل “كمستشار” لوزارة الداخلية. البعض يحمله ما حصل في سجون الرويس وغيرها من تعذيب. في وقت لاحق وبعد فوات الأوان تم طرد هذا الوزير من هنا كذلك. ذهب وفد من الشباب السعودي الذين تم تعذيبهم وانتهاك كرامتهم في السجون لزيارة وزير الداخلية السعودي. كان يرأس هذا الوفد حبيبنا أبو رائد. دار حوار طويل بين الشباب ووزير الداخلية. نفى وزير الداخلية علمه بما كان يحصل من تعذيب. بل وأقسم على ذلك بالأيمان المغلظة أنه لم يكن يعرف بما كان يحصل من تعذيب. حكى لي أبو رائد ما حصل في اللقاء وقال لي بأن بعض الشباب خلعوا ثيابهم ليروا الوزير آثار التعذيب الواضحة.

من مواقف أبو رائد:
كانت مواقف أبو رائد هي مواقف تمتاز بالوسطية والعقلانية تجاه قضايا الشأن العام. وعندما اندلعت أعمال الإرهاب في الوطن السعودي كان موقفه واضحاً تجاهها. جلست معاه طويلاً وتحدثت معه كثيراً حول حال الوطن وكان رافضاً لكل ما يحصل من عنف وإرهاب. كان دائماً ما يصرح بأن هؤلاء الشباب قد أخطأوا أخطاء كبيرة وأنهم مخترقين من عدة جهات. كان يقول بأنه ليس لأحد مصلحة من الإرهاب في السعودية إلا قوى الشر والظلم والطغيان في كل مكان.
كنت دائماً ما أختلف معه حول كثير من الأفكار. كان يصرح بوضوح بأنه لا يتفق معي. وكنت أقول له كذلك. ولكن لم يحصل يوماً أن حاول أن يلزمني برأيه تجاه قضية معينه. لم يحاول يوماً أن يشعرني بأنني سأخسره بسبب رأي أحمله. هو من النوع الذي مهما اختلفت معه فأنت متأكد بأنه لن يطعنك في الخلف. كان يركب معي السيارة أحياناً لأوصله منزله. عند الوصول للمنزل، كان يصر على نزولي من السيارة والدخول لشرب قهوة أو شاي ولكن أقول له بأنني مستعجل. ورغماً عن ذلك نجلس طويلاً في السيارة نتبادل الحوار وفي منتصف الحوار يقول لي بأن الحوار سيطول ويجب علي النزول ولكن أرفض ونحاول مجدداً إنهاء الحوار. ولكننا نجد أننا جلسنا مدة أطول من الأولى. متعة الحوار والنقاش معه غير منتهية. ومن قابل أبو رائد مرة، تمنى أنه جاره.

اعتقال أبو رائد:
تم اعتقال أبو رائد مع تسعة آخرين كانوا مجتمعين لصياغة خطاب يوجه لخادم الحرمين الشريفين يحتوي على بعض المطالبات الحقوقية السلمية للشعب السعودي. فوجئت بشدة لظهور إسم أبو رائد بينهم. لسبب أن اهتمامات أبو رائد منصبة على العمل الخيري والدعوي بشكل كامل. وليس له اهتمامات بالعمل السياسي أو الحقوقي السعودي. حسب ما فهمت لاحقاً من عائلته، كان ذلك الإجتماع الأول والوحيد له مع هذه المجموعة. وكان حضوره بدعوة من الدكتور سعود الهاشمي والذي يعز عليه كثيراً. لم يكن أبو رائد من “الدستوريين” أو الموقعين على مطالب الإصلاح. كان متفرغاً لدعم العمل الخيري.مهما يكن الحال، فهو والآخرين لم يرتكبوا جرماً يستحقون تجاهه ما حصل لهم. أبو رائد وباقي العشرة هم أبعد ما يكون عن دعم الإرهاب. منذ اعتقال أبو رائد، وعائلته الكبيرة تعيش في وضع مادي صعب. حيث قلصت الحكومة ما يستلمونه من مستحقات تقاعد والدهم المالية إلى النصف وأقل. وأبو رائد يصرف على عوائل أخرى قريبة منه. وتعيش هذه العوائل في وضع مادي صعب كذلك.

كلمة أخيرة:
قدم أبو رائد للوطن الشيء الكثير. فخبراته وخدماته اللامحدودة والتي قدمها لقطاع الأعمال الخيرية في المملكة العربية السعودية هي جهد بشري ضخم لا يجب أن يقابل إلا بالتكريم والشكر والعرفان. لو كان أبو رائد في بلد آخر لنال الأوسمة والتقدير والعرفان لما قدمه لمجتمعه. لو كان أبو رائد أمريكياً لسميت المباني والشوارع والمقرات بإسمه تكريماً وإجلالاً. إن خدمة أبو رائد للقطاع الخيري في السعودية هي أكبر من أن تحصر وتجمل في مقالة قصيرة كهذه. وإن فضله على هذا القطاع وقادته يجب أن لا يقابل بالجحود والنكران. أخطأت الحكومة كثيراً في حق هذا الرجل الفاضل حين اتهمته بدعم الإرهاب مع التسعة الآخرين. وأخطأ العلماء والدعاة بصمتهم الواضح تجاه ما حصل له ولهم. أغلب العلماء والدعاة في مدينة جدة يعرفون أبو رائد وله فضل على الكثير منهم. ومع ذلك لم نقرأ لأي منهم بيان في تبرئته من تهمة دعم الإرهاب الشنيعة التي وجهتها الدولة له. لم ينصره أحد. ولا أعرف إن كان يقوم أحد منهم بالإتصال بعائلته ودعمهم. تكلمت مع أحد ممن كنت أعتقد أنه من المقربين إليه، فقال لي “إن هذا هو حال الدعوة، إنه إبتلاء، ونسأل الله أن يثبته على الحق”. فقلت له: “يا شيخ، أليس السعي في رفع الظلم عن المظلومين من أفضل الأعمال إلى الله؟ أليس هذا جهاداً مشرفاً؟”.

كما قصرت في حق الدكتور سعود، فإني قد قصرت كثيراً في حق عبدالرحمن بن صديق. لقد اكتفيت بالصمت خلال الخمسة شهور ونصف الماضية. ذلك أيضاً خطأ وتقصير مني لا يمكن أن تعوضه هذه الكلمات. لأبي رائد كثير من الفضل علي شخصياً. لا يمكن أن أؤدي جزء بسيط من حقه علي.

في النهاية لا أعرف ماذا أقول عن هذا الإنسان. حاولت أن أغلب الحقائق على المشاعر. ولكن لو سألني أحد عن ما يمكن قوله عن أبو رائد في جملة واحدة لقلت: “يستحيل أن تجلس مع هذا الشخص بدون أن تخرج بفائدة وبدون أن يبهرك بعقليته التي من النادر لقاء مثيلها في حياتك”.

أطالب كل حر وشريف بالسعي لرفع الظلم الذي وقع على هذا الرجل الكريم. أطالب كل فرد بتبني قضية أبو رائد وإخوانه من المظلومين. أرجوا منكم التواصل مع زوجته وابنه وأخيه ورفع معنوياتهم والوقوف معهم.

لك الله يا عبد الرحمن بن صديق، قدمت الكثير، ضحيت بالكثير، وسجنت مرتين بتهم ظالمة، وفوق هذا لم تقابل سوى بالتجاهل والنسيان من قبل المجتمع ومن قبل من عرفك حق المعرفة.

أم رائد (زوجته)
0504308644

عبد القادر بن صديق (أخيه)
0506613443

أنس بن عبد الرحمن صديق (ابنه)
0555660954

مظلومون سعوديون (3): د. عبد الرحمن الشميري

أغسطس 30, 2007

للأسف لم أقابل الدكتور عبد الرحمن الشميري من قبل ولا لا أعرف عنه سوى أنه أحد المظلومين العشرة. وصلني اليوم بيان عاجل على بريدي الإلكتروني صادر من زوجته يستحق التضامن من الجميع.:

بيان ونداء عاجل من الدكتورة وجنات عبد الرحيم ميمني

اعتقل زوجي د. عبد الرحمن الشميري في ليلة السبت الموافق 13- 1 – 1428 هـ ، الموافق 2- فبراير – 2007م ، مع تسعة من زملاءه الإصلاحيين – (( وكلهم من تيار ” الدستور والمجتمع المدني وحقوق الإنسان ” السلمي ، و بالتحديد هم:1-المحامي سليمان بن إبراهيم الرشودي,قاض سابق/ وأحد الأعضاء الستة لأول لجنة أهلية لحقوق الإنسان الشرعية1413هـ(1991م)/وعضو جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي /الرياض .
2-المحامي الدكتور موسى بن محمد القرني، أستاذ جامعي سابق لأصول الفقه/ وعضو جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي /المدينة.
3-المحامي عصام بن حسن البصراوي/مستشار قانوني/من نشطاء حقوق الإنسان/ وعضو جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي /جدة.
4-الدكتور عبد الرحمن بن محمد الشميري/أستاذ جامعي سابق للتربية الإسلامية/من نشطاء حقوق الإنسان/ وعضو جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي.
5-الدكتور عبد العزيز السليمان الخريجي/ من الناشطين المحتسبين في الشأن العام / وعضو جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي /جدة
6- سيف الدين فيصل الشريف/ناشط في مجال حقوق الإنسان/ وعضو جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي /جدة
7- فهد الصخري القرشي/ مشارك في جمعية ثقافة الدستور والمجتمع المدني الإسلامي / الطائف.
8- الدكتور سعود بن محمد الهاشمي/من الناشطين المحتسبين في الشأن العام
9- عبد الرحمن صديق مؤمن خان/ باحث تربوي )) .

كان اعتقاله و اعتقالهم قد تم بطريقة إرهابية وذلك برمي القنابل في المكان والدخول عليهم بالرشاشات وكأنهم أعتى المجرمين ثم كبلوهم بالأغلال وهم منبطحين على الأرض وفيهم أساتذة جامعات وقضاة .. وفي نفس الليلة دخلوا على أهاليهم في الساعة الثالثة والنصف صباحا وفتشوا المنزل وأخذوا ما طاب لهم من الأوراق وأجهزة الحاسوب وغادروا بعد ساعة من الزمن .

ظل أمرهم مغيبا عن أمهاتهم وزوجاتهم وأولادهم لمدة خمسة أشهر ونصف لا يعرفون لهم قرار, كانوا خلالها في زنزانات انفرادية فيها فتحات لإدخال الطعام وكأنهم حيوانات والأضواء مسلطة عليهم ليلا ونهارا , وفي الأيام الأولى كانت فرشة صغيرة في زنزانتهم ثم جاء الأمر بإخراج الفرشة التي كانوا يؤدون الصلاة عليها .

في الشهر الخامس نقلوا إلى سكن ، كل في غرف انفرادية ، وظلوا على هذا الحال حتى أنهوا سبعة أشهر وزيادة دون أن يقدموا للمحاكمات أو إفراج ، فضلا عن عدم السماح لهم بعمل توكيلات لمحامين أو موكلين للدفاع عنهم ، و إخضاعهم لتحقيقات ، غير قانونية و شرعية ، عبر ضباط المباحث بدون وجود محامين لهم ، في مخالفة صريحة للشريعة و الأنظمة العدلية المحلية بما في ذلك نظام الإجراءات الجزائية التي أصدرتها الحكومة السعودية و بموافقة من الداخلية السعودية ، فضلا عن مخالفاتها الصريحة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان و المتهم و التي و وقعت عليها الحكومة السعودية .

إن اعتقالهم تحت مزاعم الإرهاب ما هي إلا محاولة من الأجهزة الأمنية و الداخلية السعودية لعزلهم عن الرأي العام المحلي و الحقوقي العالمي، و التفرد بهم لضربهم و ضرب حركة الإصلاح الدستورية السلمية التي ينتمون لها. إنهم جميعا دعاة إصلاح سلمي مدني و علني و إنهم جميعا ضد العنف و الإرهاب.

و حيث يئسوا من الحال التي هم عليها ، دون أفراج أو محاكمات علنية عادلة ، فإنهم بدأوا بالإضراب عن الطعام منذ عشرة أيام وفيهم المريض بالسكر والضغط والقلب والمقعد ، حتى ساءت أحوالهم وتدهورت صحتهم . ونحن أهالي المعتقلين نحمل السلطات الأمنية عواقب ما يحصل لهؤلاء المعتقلين ، ونناشد الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان ، في كل أنحاء العالم ، التدخل لإنقاذ حياة هؤلاء المعتقلين ، و المطالبة بالإفراج الفوري عنهم أو تقديمهم لمحاكمة علنية تتوفر فيها كل الضمانات القضائية الشرعية و المعايير الدولية لإجراءات المحاكمات العلنية العادلة . والله غالب على أمره ولو كره الظالمون.

د . وجنات عبد الرحيم ميمني
زوجة / الدكتور عبد الرحمن الشميري
صدر في مكة المكرمة: الأربعاء ( 29-8-2007م ).
منزل: 0096625580672
جوال: 00966556557346

======================
مواد ذات علاقة:
======================


No Responses Yet to “كلنا فؤاد”

  1. اكتب تعليقُا

أضف تعليق